Breaking News:
|
Anda ingin beramal?, satu klik anda sangat berharga bagi kami, silakan klik iklanSittidibawah ini, setelah itu bagikan artikel ini, terimakasih kami ucapkan kepada anda

2- الحسابات الفلكية وإثبات شهر رمضان

"لِأَنَّ الشَّارِعَ أَنَاطَ الْحُكْمَ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ بِإِكْمَالِ الثَّلَاثِينَ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام { الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ } وَفِي رِوَايَةٍ { فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ } , وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِمَا قَبْلَهَا قَالَ مَالِكٌ إذَا تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ مَا هُمْ عَلَيْهِ".

المحدث الشهير محمد بن عبد الباقي الزرقاني المصري المالكي رأى الشئ نفسه:

"ولا يصح أنّ الـمراد حساب الـمنـجمين لأنّ الناس لو كلفوا ذلك لشق علـيهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد، والشرع إنـما يكلف الناس بـما يعرفه جماهيرهم".

أما الإمام مالك فقد قال أن الإمام إذا رفض اتباع الرؤية البصرية و اعتمد الحسابات الفلكية فلا يجب أن يطاع أو أن يصلى خلفه في الصلاة اليومية:

"وَقَدْ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَزنِيَّةِ فِي الْإِمَامِ لَا يَصُومُ لِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَلَا يُفْطِرُ لِرُؤْيَتِهِ , وَإِنَّمَا يَصُومُ وَيُفْطِرُ عَلَى الْحِسَابِ أَنَّهُ لَا يُقْتَدَى بِهِ وَلَا يُتَّبَعُ".

كما يناقش القاضي أبو الوليد هذا الأمر حيث يقول أن على المرء قضاء صيام الأيام التي صامها تبعاً للحسابات الفلكية و ليس اعتماداً على الرؤية البصرية للهلال.

"قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ رضي الله عنه فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ فَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمَا صَامَ مِنْهُ عَلَى الْحِسَابِ وَيَرْجِعُ إلَى الرُّؤْيَةِ وَاكَمَالِ الْعَدَدِ فَإِنْ اقْتَضَى ذَلِكَ قَضَاءَ شَيْءٍ مِنْ صَوْمِهِ قَضَاه".ُ

العالم والفقيه الشافعي المعروف شهاب الدين بن أحمد الرملي يذكر:

"أَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَعْتَمِدْ الْحِسَابَ بَلْ أَلْغَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِقَوْلِهِ نَحْنُ أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ الشَّهْرَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَقَالَ ابْنُ دَقِيقٍ الْعِيدُ الْحِسَابُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي الصِّيَامِ".

و أورد الإمام يحيى بن شرف النووي في كتابه المجموع شرح المهذب. كل الأحاديث السابقة و استدل تقريباً بنفس الأسباب لرفض الحسابات الفلكية.

"وَمَنْ قَالَ بِحِسَابِ الْمَنَازِلِ فَقَوْلُهُ مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّحِيحَيْنِ { إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَحْسِبُ وَلَا نَكْتُبُ , الشَّهْرُ هَكَذَا , وَهَكَذَا } الْحَدِيثَ قَالُوا : وَلِأَنَّ النَّاسَ لَوْ كُلِّفُوا بِذَلِكَ ضَاقَ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْحِسَابَ إلَّا أَفْرَادٌ مِنْ النَّاسِ فِي الْبُلْدَانِ الْكِبَارِ , فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ , وَمَا سِوَاهُ فَاسِدٌ مَرْدُودٌ بِصَرَائِحِ الْأَحَادِيثِ".

و الحافظ ابن حجر يلح بأن الشارع علق الحكم بالرؤية وسيستمر الحكم في الصوم على الرؤية ولو حصل بعد الجيل الأول من يعرف الكتابة و الحساب.
"و قوله: (لا نكتب ولا نحسب) تفسير لكونهم كذلك، وقيل للعرب أميون لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة، قال الله تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) ولا يرد على ذلك أنه كان فيهم من يكتب ويحسب لأن الكتابة كانت فيهم قليلة نادرة، والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها، ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النزر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا، ويوضحه قوله في الحديث الماضي ” فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ” ولم يقل فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوي فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم".

الإمام تاج الدين السبكي يقول:
"وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرَ هَكَذَا وَهَكَذَا عَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ؛ وَقَدْ تَأَمَّلْت هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْت مَعْنَاهُ إلْغَاءَ مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ مِنْ أَنَّ الشَّهْرَ عِنْدَهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ مُفَارَقَةِ الْهِلَالِ شُعَاعَ الشَّمْسِ فَهُوَ أَوَّلُ الشَّهْرِ عِنْدَهُمْ وَيَبْقَى الشَّهْرُ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَعَهَا وَيُفَارِقَهَا فَالشَّهْرُ عِنْدَهُمْ مَا بَيْنَ ذَلِكَ ، وَهَذَا بَاطِلٌ فِي الشَّرْعِ قَطْعًا لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَأَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّا أَيْ الْعَرَبُ أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ ، أَيْ لَيْسَ مِنْ شَأْنِ الْعَرَبِ الْكِتَابَةُ وَلَا الْحِسَابُ" .

و بعد ذلك يستمر السبكي بقوله:

"فَالشَّرْعُ فِي الشَّهْرِ مَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ وَيُدْرَكُ ذَلِكَ إمَّا بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَإِمَّا بِكَمَالِ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ ، وَاعْتِبَارُهُ إكْمَالُ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَظِرُونَ بِهِ الْهِلَالَ وَأَنَّ وُجُودَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُعْتَبَرٌ بِشَرْطِ إمْكَانِ الرُّؤْيَةِ ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ لَكَانَ إذَا فَارَقَ الشُّعَاعَ مَثَلًا قَبْلَ الْفَجْرِ يَجِبُ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَأَبْطَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْ الصَّوْمَ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْقَابِلِ ، وَهَذَا مَحَلٌّ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ ، وَثَمَّ مَحَلٌّ آخَرُ اخْتَلَفُوا فِيهِ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْحَدِيثِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُعْتَذَرَ عَنْهُ وَهُوَ مَا إذَا دَلَّ الْحِسَابُ عَلَى أَنَّهُ فَارَقَ الشُّعَاعَ وَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةٌ يُمْكِنُ أَنْ يُرَى فِيهَا عِنْدَ الْغُرُوبِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ بِذَلِكَ وَفِي وُجُوبِهِ عَلَى الْحَاسِبِ وَعَلَى غَيْرِهِ أَعْنِي فِي الْجَوَازِ عَلَى غَيْرِهِ فَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ وَبِعَدَمِ الْجَوَازِ فَقَدْ يَتَمَسَّكُ بِالْحَدِيثِ وَيَعْتَضِدُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ } وَفِي رِوَايَةٍ { فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ } وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ وَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ اعْتَقَدَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ وُجُودُ الْهِلَالِ وَإِمْكَانُ رُؤْيَتِهِ كَمَا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَهُ كِبَارٌ وَلَكِنَّ الصَّحِيحَ الْأَوَّلُ لِمَفْهُومِ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ ذَلِكَ رَدًّا لِلْحِسَابِ فَإِنَّ الْحِسَابَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْإِمْكَانَ وَمُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ لَا يَجِبُ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ".

و العالم الشافعي المعروف الآخر عبد الرحمن بن حسين العراقي يؤكد أن الأفق يكون غائماً في الغالب, و الشريعة تطالب بالرؤية البصرية لبداية الصيام. و بأن جمهور العلماء قد حددوا الرؤية البصرية كطريقة وحيدة لإثبات دخول شهر الصيام دون اللجوء إلى طرق أخرى.هذا هو الرأي الفقهي المعتمد لدى المدارس الفقهية المختلفة؛ المالكية و الشافعية و الحنفية و لدى جمهور العلماء في الماضي والحاضر.

"وَحُصُولُ الْغَيْمِ فِي الْمَطَالِعِ أَمْرٌ مُعْتَادٌ وَالسَّبَبُ الشَّرْعِيُّ لِلْوُجُوبِ إنَّمَا هُوَ الرُّؤْيَةُ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ فِي تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالرُّؤْيَةِ دُونَ غَيْرِهَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ".

كما أن هذه العبارة تتكرر في كتب الفقهية بأن " السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ لِلْوُجُوبِ إنَّمَا هُو الرؤية".َ يقول الإمام المجتهد المالكي أبو العباس القرافي:
"وَأَمَّا الْأَهِلَّةُ فَلَمْ يَنْصِبْ صَاحِبُ الشَّرْعِ خُرُوجَهَا مِنْ الشُّعَاعِ سَبَبًا لِلصَّوْمِ بَلْ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ خَارِجًا مِنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ هُوَ السَّبَبُ ، فَإِذَا لَمْ تَحْصُلْ الرُّؤْيَةُ لَمْ يَحْصُلْ السَّبَبُ الشَّرْعِيُّ فَلَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الشَّرْعِ لَمْ يَنْصِبْ نَفْسَ خُرُوجِ الْهِلَالِ عَنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ سَبَبًا لِلصَّوْمِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ } وَلَمْ يَقُلْ لِخُرُوجِهِ عَنْ شُعَاعِ الشَّمْسِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى { أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } ثُمَّ قَالَ { فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ } أَيْ خَفِيَتْ عَلَيْكُمْ رُؤْيَتُهُ { فَاقْدِرُوا لَهُ } فِي رِوَايَةٍ { فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ } فَنَصَبَ رُؤْيَةَ الْهِلَالَ أَوْ إكْمَالَ الْعِدَّةِ ثَلَاثِينَ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِخُرُوجِ الْهِلَالِ عَنْ الشُّعَاعِ".

صرخ الإمام النووي بأن الرؤية هي السبب الشرعي لدخول شهر رمضان:
"قال اصحابنا وغيرهم ولا يجب صوم رمضان إلا بدخوله ويعلم دخوله برؤية الهلال فان غم وجب استكمال شعبان ثلاثين ثم يصومون سواء كانت السماء مصحية أو مغيمة غيما قليلا أو كثيرا".

ويقول ابن رجب الحنبلي:
"فتبين أن ديننا لا يحتاج إلى حساب ولا كتاب ، كما يفعله أهل الكتاب من ضبط عباداتهم بمسير الشمس وحسباناتها ، وأن ديننا في ميقات الصيام معلق بما يرى بالبصر وهو رؤية الهلال ، فإن غم أكملنا عدة الشهر ولم نحتج إلى حساب" .

كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:
"أَنَّ الْأَحْكَامَ مِثْلَ صِيَامِ رَمَضَانَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَهِلَّةِ لَا رَيْبَ فِيهِ . لَكِنْ الطَّرِيقُ إلَى مَعْرِفَةِ طُلُوعِ الْهِلَالِ هُوَ الرُّؤْيَةُ ؛ لَا غَيْرُهَا : بِالسَّمْعِ وَالْعَقْل, أَمَّا السَّمْعُ : فَقَدْ أَخْبَرَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْخُنَا الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ المقدسي وَأَبُو الْغَنَائِمِ الْمُسْلِمُ بْنُ عُثْمَانَ الْقَيْسِيُّ وَغَيْرُهُمَا قَالُوا : أَنْبَأَنَا حَنْبَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤَذِّنُ أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ أَنْبَأَنَا أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْمُذْهِبِ أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَد بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَد بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ أَنْبَأَنَا أَبِي حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ يُحَدِّثُ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ . وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ الثَّلَاثِينَ } . وَقَالَ أَحْمَد : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ وَإِسْحَاقَ يَعْنِي الْأَزْرَقَ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ . الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي ذَكَرَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ قَالَ إسْحَاقُ : وَطَبَّقَ بِيَدَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَخَنَّسَ إبْهَامَهُ فِي الثَّالِثَةِ } أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ آدَمَ عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ : { إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ } . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو داود عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حَرْبٍ عَنْ شُعْبَةَ وَلَفْظُهُ : { إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَخَنَّسَ سُلَيْمَانُ أُصْبُعَهُ فِي الثَّالِثَةِ يَعْنِي تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَثَلَاثِينَ } ِ".

و يقول أيضا:
"فَجَعَلَ اللَّهُ الْأَهِلَّةَ مَوَاقِيتَ لِلنَّاسِ فِي الْأَحْكَامِ الثَّابِتَةِ بِالشَّرْعِ ابْتِدَاءً . أَوْ سَبَبًا مِنْ الْعِبَادَةِ . وَلِلْأَحْكَامِ الَّتِي تَثْبُتُ بِشُرُوطِ الْعَبْدِ . فَمَا ثَبَتَ مِنْ الْمُؤَقَّتَاتِ بِشَرْعٍ أَوْ شَرْطٍ فَالْهِلَالُ مِيقَاتٌ لَهُ وَهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ الصِّيَامُ وَالْحَجُّ وَمُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَالْعِدَّةِ وَصَوْمُ الْكَفَّارَةِ".

الحسابات الفلكية مرتبطة بالسحر و علم النجوم:

إن من الأسباب الرئيسية التي دفعت هؤلاء الفقهاء إلى رفض إثبات الشهر عن طريق الحسابات الفلكية رفضاً تاماً هو الخلط بين الفلك والسحر برأيهم, و الذي يحرمه الإسلام تحريماً تاماً. هذا ما ذكره الحافظ إبن حجر:

"لَا اعْتِبَارَ بِحِسَابِ النُّجُومِ , وَلَا بِمَنْ عَرَفَ مَنَازِلَ الْقَمَرِ إلَى آخِرِهِ , يَدُلُّ لَهُ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ : " إنَّا أُمَّةٌ أُمَيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ " - الْحَدِيثَ - وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا : " مَا اقْتَبَسَ رَجُلٌ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ إلَّا اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ " . وَعَنْ عُمَرَ قَالَ : " تَعَلَّمُوا مِنْ النُّجُومِ مَا تَهْتَدُونَ بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ , ثُمَّ أَمْسِكُوا " رَوَاهُ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ . وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : الَّذِي أَقُولُ : إنَّ الْحِسَابَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَيْهِ فِي الصَّوْمِ لِمُقَارَنَةِ الْقَمَرِ لِلشَّمْسِ عَلَى مَا يَرَاهُ الْمُنَجِّمُونَ , فَإِنَّهُمْ قَدْ يُقَدِّمُونَ الشَّهْرَ بِالْحِسَابِ عَلَى الرُّؤْيَةِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ . وَفِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ إحْدَاثُ شَرْعٍ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ بِه". ِ

لهذا فإن ابن حجر يحرم بشدة استخدام الحسابات الفلكية مستنداً إلى الأحاديث النبوية الشريفة التي تحذر المسلمين من التنجيم كقوله ( ص ): " لا أحد يتعلم شيئاً من النجوم إلا و قد تعلم شيئاً من السحر ".
و كذلك الخليفة عمر بن الخطاب قال: " تعلموا من النجوم ما تهتدون به في البر و البحر وحسب ".
لذا فإن أي علم يتعلق بالنجوم فيما عدا معرفة إتجاهات القبلة علم محرم و غير شرعي عند ابن حجر.

الإمام الحنبلي شيخ الإسلام ابن تيمية يعارض بقوة استخدام الحسابات الفلكية في الدين سواءً لنفي أو إثبات الشهور الإسلامية. فهو يؤكد بشدة أن الحسابات الفلكية لا يمكن أن تكون بأي حال من الأحوال دقيقة في إثبات رؤية الهلال.هذا هو أيضاً كان نهج العلماء مثل العراقي والجصاص .

و قد اعتبر ابن تيمية أن رأي بعض العلماء المتأخرين الذين رخصوا استخدام الحسابات الفلكية بأنه رأي ضال.

"اتفق علماء الشريعة الاعلام على تحريم العمل بذلك فى الهلال واتفق أهل الحساب العقلاء على أن معرفة ظهور الهلال لا يضبط بالحساب ضبطا تاما قط ولذلك لم يتكلم فيه حذاق الحساب بل أنكروه وانما تكلم فيه قوم من متأخريهم تقريبا وذلك ضلال عن دين الله وتغيير له شبيه بضلال اليهود".

يبدوا أن ابن تيمية يشير هنا إلى مجمع أحبار اليهود الذي قرر تبني الحسابات الفلكية على أنها الطريقة الصحيحة لإثبات شهور السنة اليهودية. و سجل رأيه في تلك الحسابات في موضع آخر بحزم فقال:

"ولا ريب انه ثبت بالسنة الصحيحة واتفاق الصحابة انه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم كما ثبت عنه فى الصحيحين انه قال انا امة امية لا نكتب ولا نحسب صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته والمعتمد على الحساب فى الهلال كما انه ضال فى الشريعة مبتدع فى الدين فهو مخطىء فى العقل وعلم الحساب".

الحسابات الفلكية غير دقيقة:

و أضاف الإمام ابن تيمية أيضاً أن معرفة النجوم والفلك ضلال, و أنه محرم بذاته في الشريعة الإسلامية, و أن سلبياتها أكثر من إيجابياتها كما ساق عدة أدلة نبوية لرفض التنجيم.

"وَإِنْ تَوَهَّمَ الْمُتَوَهِّمُ أَنَّ فِيهِ تَقْدِمَةً لِلْمَعْرِفَةِ بِالْحَوَادِثِ , وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ فَالْجَهْلُ فِي ذَلِكَ أَضْعَفُ , وَمَضَرَّةُ ذَلِكَ أَعْظَمُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ , وَلِهَذَا قَدْ عَلِمَ الْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ بِالتَّجْرِبَةِ وَالتَّوَاتُرِ أَنَّ الْأَحْكَامَ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا الْمُنَجِّمُونَ يَكُونُ الْكَذِبُ فِيهَا أَضْعَافَ الصِّدْقِ , وَهُمْ فِي ذَلِكَ مِنْ نَوْعِ الْكُهَّانِ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ , عَنْ { النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : إنَّ مِنَّا قَوْمًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ , فَقَالَ : إنَّهُمْ لَيْسُوا بِشَيْءٍ . فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُمْ يُحَدِّثُونَا أَحْيَانًا بِالشَّيْءِ فَيَكُونُ حَقًّا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : تِلْكَ الْكَلِمَةُ مِنْ الْحَقِّ يَسْمَعُهَا الْجِنِّيُّ فَيُقِرُّهَا فِي أُذُنِ وَلِيِّهِ } . وَأَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ إذَا قَضَى بِالْأَمْرِ ضَرَبَتْ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ , كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانَ حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ , قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟ قَالُوا : الْحَقَّ , وَأَنَّ كُلَّ أَهْلِ سَمَاءٍ يُخْبِرُونَ أَهْلَ السَّمَاءِ الَّتِي تَلِيهِمْ حَتَّى يَنْتَهِيَ الْخَبَرُ إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا , وَهُنَاكَ مُسْتَرِقَةُ السَّمْعِ بَعْضُهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ , فَرُبَّمَا سَمِعَ الْكَلِمَةَ قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ الشِّهَابُ , بَعْدَ أَنْ يُلْقِيَهَا , قَالَ صلى الله عليه وسلم : { فَلَوْ أَتَوْا بِالْأَمْرِ عَلَى وَجْهِهِ وَلَكِنْ يَزِيدُونَ فِي الْكَلِمَةِ مِائَةَ كِذْبَةٍ }".

لقد اعتمد ابن تيمية في رأيه هذا على حال المنجمين في زمنه حيث كان يطلق هذا الاسم على من يدعي علم النجوم في ذلك الوقت. لذا فإنه استخلص من الواقع السائد أن الحسابات الفلكية تعتمد على الأكاذيب و الخداع والغش.

"وَهَكَذَا الْمُنَجِّمُونَ , حَتَّى أَنِّي لَمَّا خَاطَبْتُهُمْ بِدِمَشْقَ وَحَضَرَ عِنْدِي رُؤَسَاؤُهُمْ , وَبَيَّنْتُ فَسَادَ صِنَاعَتِهِمْ بِالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يَعْتَرِفُونَ بِصِحَّتِهَا , قَالَ لِي رَئِيسٌ مِنْهُمْ : وَاَللَّهِ إنَّا نَكْذِبُ مِائَةَ كِذْبَةٍ حَتَّى نَصْدُقَ فِي كَلِمَةٍ".

و قال أيضاً:

"وَالْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الصِّنَاعَةِ وَتَحْرِيمِهَا كَثِيرَةٌ , لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا , وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ , عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ { مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ لَهُ صَلَاةً أَرْبَعِينَ يَوْمًا } . وَالْعَرَّافُ , قَدْ قِيلَ إنَّهُ اسْمٌ عَامٌّ لِلْكَاهِنِ وَالْمُنَجِّمِ وَالرَّمَّالِ وَنَحْوِهِمْ".

إن هذه المجموعة من العلماء قد قررت عدداً من العقوبات لكل من يخوض في مجال الحسابات الفلكية و التنجيم. فعلى سبيل المثال: أشار محمد بن أحمد العليش أنه لا يجوز لأي مسلم و لا حتى المنجمين أنفسهم أن يصوموا اعتماداً على الحسابات الفلكية, فإن اتباع المنجم أمر محرم. و إذا كان المنجم يعلن بين الناس أن النجوم لها تأثير على القضاء و القدر وعلى أقدار الناس فإنه يقتل دون استتابة, أما في حالة كتمانه لمعتقداته و إبقائه على رأيه سراً حول تأثير النجوم على حياة الناس, ففي هذه الحالة يعامل معاملة المرتد, فيستتاب, فإن رفض التوبة يقتل. و يكون المنجم مؤمناً عاصياً إذا اعتمد على النجوم في النبوءات واتخذها على أنها علامات على ما يحدث في الأرض مع اعتقاده الكامل أن الله سبحانه و تعالى هو المتصرف في كونه و المقدر فيه, و ليست النجوم هي الفاعلة.

"وَالْحَاسِبُ الَّذِي يَحْسِبُ سَيْرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَصُومُ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَعْتَمِدُ هُوَ فِي نَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ وَحَرُمَ تَصْدِيقُ مُنَجِّمٍ وَيُقْتَلُ إنْ اعْتَقَدَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ وَأَنَّهَا الْفَاعِلَةُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إنْ أَسَرَّهُ , فَإِنْ أَظْهَرَ . وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَمُرْتَدٌّ فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ تَأْثِيرَهَا وَاعْتَقَدَ أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهُمَا أَمَارَةً عَلَى مَا يَحْدُثُ فِي الْعَالَمِ فَمُؤْمِنٌ عَاصٍ".

ابن رشد الحفيد, الفقيه المالكي المعروف, يرى بأن المنجم يجب أن يزجر و يؤدب.

"عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يُزْجَرُ عَنْ اعْتِقَادِهِ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ تَصْدِيقُهُ لقوله تعالى { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إلَّا اللَّهُ } وَلِخَبَرِهِ { مَنْ صَدَّقَ كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا أَوْ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ } صلى الله عليه وسلم . وَغَيْرُ عَاصٍ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ إذَا أَسْنَدَ ذَلِكَ لِعَادَةٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ { إذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ غُدَيْقَةٌ } , وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ وَهُوَ { أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي , فَاَلَّذِي قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ , وَاَلَّذِي قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ } فَهُوَ فِيمَنْ نَسَبَ الْفِعْلَ لِلنَّوْءِ بِهَذَا جَمَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رضي الله عنه بَيْنَهُمَ".ا

يسمي الحافظ ابن حجر الفلكيين بشياطين الإنس؛ لأنهم يعتمدون في حساباتهم على مجرد الحدس و التخمين. كما أنه أورد الحديث الذي يربط علم الفلك بالسحر.

“وما يعانيه المنجمون من الحدس والظن والحكم على اتصال النجوم وافراقها وإياتهم عنى بالشياطين لأنهم شياطين الإنس وقد جاء في بعض الأحاديث من اقتب بابا من علم النجوم لغير ما ذكر الله فقد اقتبس شعبة من السحر المنجم كاهن”

ملخص لرأي جمهور العلماء:

إن المانع الرئيسي عند هؤلاء الفقهاء من اتخاذ الحسابات الفلكية مصدراً موثوقاً لتحديد الشهور الإسلامية, هو ما سأورده في النقاط التالية:

النقطة الأولى: أن الرؤية البصرية هي التي تحدد دخول الشهور الإسلامية أو عدم دخولها, خاصة شهر رمضان كما هو معتمد في الشريعة الإسلامية. على أن الرؤية البصرية فقط هي التي تضمن دقة تحديد دخول الشهر. لكن على ما يبدو أن الرؤية البصرية بالنسبة لهؤلاء العلماء هي هدف بنفسها أي السبب الشرعي لدخول رمضان و ليست وسيلة لتحقيق الهدف الرئيسي و هو الدقة في ابتداء الصوم و انتهائه. فهم عندما يذكرون كلمة الرؤية إنما يقصدون الرؤية بالعين المجردة, و يذهبون إلى أن الرأي القائم على اعتبار الرؤية البصرية أو إكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً على أنهما الطريقتان الوحيدتان لإثبات الشهر هو رأي أجمع عليه علماء السلف. و تكرر هذه المجموعة من علماء السلف أن الروايات النبوية التي تشير إلى اللجوء إلى الحساب للشهر في الجو الغائم يجب أن تفهم على ضوء الروايات التي تقول باكمال عدة الشهر ثلاثين. هذا الذي اعتبروه إجماع للأمة, في حين عرف ابن تيمية الإجماع بما يلي:

"أن تجتمع علماء المسلمين على حكم من الاحكام وإذا ثبت إجماع الأمة على حكم من الأحكام لم يكن لأحد أن يخرج عن اجماعهم فان الأمة لا تجتمع على ضلالة".

و قال أيضاً:

"والتحقيق أن الاجماع المعلوم يكفر مخالفه كما يكفر مخالف النص بتركه".

النقطة الثانية: إن الحسابات الفلكية هي عبارة عن مجرد افتراضات و تخمينات لا يمكن أن تهدينا إلى طريقة صحيحة لإثبات بداية أو نهاية الشهور القمرية في السنة الإسلامية.

و نرى أن بعض علماء السلف كابن تيمية و الجصاص قد تبنوا رأي الجمهور الرافض للحسابات الفلكية جملةً و تفصيلاً .

النقطة الثالثة: أن الاعتماد على الحسابات الفلكية أمر شاق على عامة الناس لأن البعض فقط هم الذين يستطيعون القيام به و خاصة في المدن الكبرى كما يرى النووي.

النقطة الرابعة: التعامل مع الحسابات الفلكية و حركة الأجرام السماوية هو من عمل السحرة و مدعي الغيب و هو ما يحرمه الإسلام بشدة كما يقول ( ص ):

"حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُسَدَّدٌ الْمَعْنَى قَالَا حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اقْتَبَسَ عِلْمًا مِنْ النُّجُومِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنْ السِّحْرِ زَادَ مَا زَاد".َ

كما روى الإمام أحمد أن النبي ( ص ) كان قد حذر سيدنا على بن أبي طالب من عدة أمور من ضمنها مجالسة المنجمين:

"حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا عَلِيُّ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ وَإِنْ شَقَّ عَلَيْكَ وَلَا تَأْكُلْ الصَّدَقَةَ وَلَا تُنْزِ الْحَمِيرَ عَلَى الْخَيْلِ وَلَا تُجَالِسْ أَصْحَابَ النُّجُوم".ِ

النقطة الخامسة: أن الرسول ( ص ) منع المسلمين من التعامل مع الحسابات الفلكية في الأمور الشرعية كإثبات شهر رمضان, و ذلك بقوله ( ص ): " نحن أمة أمية لا نكتب و لا نحسب ".

و لكن من الناحية الأخرى فإنه ( ص ) طالب بالاعتماد على المشاهدة البصرية أو إكمال عدة الشهر ثلاثين يوماً
و هنا يرى بعض العلماء أن الرسول ( ص ) قد حظر على المسلمين استخدام الحسابات الفلكية منعاً من تشبههم بيهود المدينة الذين كانوا يعتمدونها في تحديد شهور سنتهم القمرية. و في الواقع أن الذي بدأ التقويم اليهودي كان الحبر هيلل الثاني المتوفي ( 363 ). حيث اعتمده اليهود بعد ذلك في المدينة. و بما أن الرسول ( ص ) منع المسلمين من التشبه باليهود عامة, لذا فاستخدام الحسابات الفلكية لتحيد التقويم الإسلامي يدخل في هذا الاطار, و يأتي منعه تحت مبدأ عدم محاكاة اليهود أو التشبه بهم.

"حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِين".

"حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ ح و حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَعَقَدَ الْإِبْهَامَ فِي الثَّالِثَةِ وَالشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي تَمَامَ ثَلَاثِينَ و حَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا ابْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ لِلشَّهْرِ الثَّانِي ثَلَاثِينَ".

النقطة السادسة: اتباع الحسابات الفلكية في أمور الدين كشهر رمضان و شوال أمر ينافي روح العبادة و خاصة عبادة الصوم و يؤثر فيها. ذلك لأنه يعارض الأوامر الواضحة للنبي ( ص ) حيث قال ( ص ): " لا تصوموا حتى تَرَوا الهلال، ولا تفطروا حتى تَرَوْه". النبي ( ص ) هنا قد استخدم صيغتي النفي و الإثبات حيث قال ( ص ): " صوموا لرؤيته " و قال " لا تصوموا حتى تروه " تأكيداً على المسلمين في استخدام أساليبهم الخاصة بهم دون اللجوء إلى طرق اليهود في عباداتهم.

لهذا فهؤلاء العلماء يرون أن المسلمين الذين يعارضون أوامر النبي ( ص ) و يبدؤون الصيام معتمدين على الحسابات الفلكية يجب أن يقضوا الأيام التي صاموها بتعاً لتلك الحسابات.

النقطة السابعة: الكلمة العربية التي تطلق على القمر الجديد هي الهلال, و المعنى اللغوي لكلمة هلال أنه يعكس الضوء و يكون مضيئا و ليس قاتماً. فهو مضيئ بحيث تراه العين البشرية, لذا فإننا لا نستطيع أن نبدأ الشهر حتى نرى القمر الجديد. هذا الرأي مستند على المعنى اللغوي لكلمة هلال.

و أورد ابن منظور التعريف التالي لكلمة هلال:

"والهِلال : غرة القمر حين يُهِلُّه الناسُ فـي غرة الشهر، وقـيل: يسمى هِلالا للـيلتـين من الشهر ثم لا يسمَّى به إِلـى أَن يعود فـي الشهر الثانـي، وقـيل: يسمى به ثلاث لـيال ثم يسمى قمراً؛ وقـيل: يسماه حتـى يُحَجِّر، وقـيل: يسمى هِلالا إِلـى أَن يَبْهَرَ ضوءُه سواد اللـيل. وهذا لا يكون إِلا فـي اللـيلة السابعة".

مناقشة أدلة الجمهور:

إن الآية القرآنية الآتية تفسر عادة على أنها تعني الرؤية البصرية بالعين المجردة:
"فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ"
ولكن يقول أحمد بن فارس في مقياس اللغة أن المعنى اللغوي لكلمة ( شهد) هو الحضور و العلم و الإعلام:

"شهد الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شىءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه"

لغوياً فإن العبارة القرآنية سالفة الذكر لا يمكن أن تخرج عن أحد المعاني الثلاثة التالية:

أولاً: على كل من كان حاضراً في شهر رمضان صيامه.

ثانياً: على كل من علم بحلول شهر رمضان صيامه.

ثالثاً: على كل من أعلم بحلول شهر رمضان صيامه.

و لا يمكن بأي وجه من الوجوه أن تفسر الآية السابقة أنه على كل من رأى قمر شهر رمضان فليصمه.
التفسير على هذا النحو سيكون مخالفاً لكل القواعد العربية. و لهذا فإن المفسرين قاموا بتفسير الآية السابقة كالتالي:

( على كل من حضر شهر رمضان صيامه ).

و القرآن الكريم استخدم ذات الكلمة ( شهد ) بمعانيها الثلاثة السالفة الذكر:

"شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ".

الله سبحانه و تعالى لا يشهد بالعين المجردة تعالى عن ذلك علواً كبيراً, و لا حتى الملائكة. لكن شهادة الله هنا معناها
أنه عز و جل بين لخلقة و علم. و قد شرح جلال الدين السيوطي هذا المعنى كالتالي:

"شَهِدَ ٱللَّهُ } بـيَّن لخلقه بالدلائل والآيات".

فشهد معناها هنا أنه سبحانه و تعالى شرح لخلقة بالآيات و الدلائل. ( أنه واحد لا إله إلا هو ).

و استخدمت الكلمة نفسها ( شهد ) بما يتعلق بأعضاء و حواس بشرية مثل السمع و البصر, على أنني متأكد أن المعنى هنا لا يحتمل أن تكون الشهادة هي رؤية بالعين البشرية:

"حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ". (فصلت: 20-21)

فكما نرى من الآية السابقة أن شهادة السمع و البصر و الجلد قد عبر عنها القرآن الكريم بكلمة ( شهد ). و لا يمكن لأحد أن يقول أن هذه الأعضاء أو الحواس سوف تشهد بعينها البشرية إذ ليس لها عين بشرية, لكن هذا يعني أنها سوف تشرح أو تعلم ( تقدم معلومات ) عما فعله العبد في حياته.

أما في الأية الكريمة الأخرى فإننا نرى معنى آخر لكلمة ( شهد ) ألا و هي شهادة الحق.

"وَ لا يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَـٰعَةَ إِلا مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (الزخرف: 86)

فهنا نقول مرة أخرى أن شهادة الحق لا يمكن أن تكون شهادة بالعين البشرية المجردة. فالحق ليس مادة ملموسةً يمكن مشاهدتها بالعين المجردة. بل نرى أنه من الوضوح بمكان أن المعنى وراء كلمة ( شهد ) في هذه الأية هو الوقوف مع الحق أي إلى جانب الحق أو يحتمل المعنى أن يكون معرفة الحق بإخلاص, ولكن ليس المقصود هنا الرؤية بالعين البشرية المجردة على أي حال.

و على ضوء هذه الآية الكريمة, و بالأخذ بعين الاعتبار المعنى اللغوي للكلمة قام مفسروا القرآن الكريم بتفسير أية الصيام في سورة البقرة على النحو التالي: أنه من كان حاضراً وقت دخول شهر رمضان و لم يكن مسافراً أو مريضاً فعليه صوم رمضان.

كما أورد الإمام أبو عبد الله القرطبي أن هناك عدداً من صحابة النبي ( ص ) مثل على بن أبي طالب كرم الله وجهه, و ابن عباس و السيدة عائشة رضي الله عنهم أجمعين كانوا يذهبون إلى أن معنى كلمة ( شهد ) الواردة في آية الصيام هو حضور الشهر أي أن يكون الشخص حاضرا:ً

"فقال عليّ ٱبن أبي طالب وابن عباس وسُوَيد بن غَفَلَة وعائشة أربعة من الصحابة وأبو مِجْلَز لاحق بن حُميد وعَبيدة السَّلْمانِيّ: من شهد أي من حضر دخول الشهر وكان مقيماً في أوله في بلده وأهله فليكمل صيامه.…، ومن أدركه حاضراً فليصمه".

قال الحافظ ابن كثير:

"فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُۖ } فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح، ورخص فيه للمريض والمسافر".

وقد أورد ابن كثير المعنى نفسه أي بأنها تعني الحضور في مكان أخر:

"فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ ٱلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُۖ } هذا إيجاب حتم على من شهد استهلال الشهر، أي كان مقيماً في البلد حين دخل شهر رمضان، وهو صحيح في بدنه أن يصوم لا محالة".

جلال الدين السيوطي قال أن شهد معناها حضر.

"فَمَن شَهِدَ } حضر".

الإمام النسفي قال أن الشهادة معناها الحضور:


Muhammad Syafii Tampubolon | Buat Lencana Anda

Posted by Pelatihan blog4 on 02.36. Filed under . You can follow any responses to this entry through the RSS 2.0. Feel free to leave a response

Blog Archive

Recently Commented

Recently Added